نُشر في دورية “المرايا” العدد 20 – مارس 2021
هناك اختلاف بين الباحثين حول تحديد اللحظة التاريخية التي يبدأ بها القرن العشرون الميلادي، إلا أنه يكاد يكون هناك اتفاق على الفترة التاريخية التي مثلت إرهاصات ومقدمات له، وهي الربع الأخير من القرن التاسع عشر؛ فقد جاءت هذه الفترة في ظروف إجهاض الاستعمار لعدد من الثورات: بداية من ثورات المقاومة الجزائرية، ثم ثورة عرابي 1882 في مصر، والثورة المهدية في السودان التي تمكن بعدها من احتلال مصر والسودان، وحدوث انتكاسة لمشروع جمال الدين الأفغاني (توفي 1897) الإصلاحي خاصة ما تعلق منه بركني تحرير الأمة من الاستبداد الداخلي والخارجي، وتوحيد الأمة في الجامعة الإسلامية. كما شهدت هذه الفترة (1875 ـ بداية القرن العشرين) ولادة الاتجاه الإصلاحي التدريجي الذي تبناه محمد عبده؛ الذي كان شريكًا من قبل لجمال الدين الأفغاني في دعوته الثورية، ففي مجال العمل الإسلامي قدم محمد عبده النظرية “الإصلاحية” في مقابل النظرية “الثورية” التي كان يروج لها من قبل مع جمال الدين الأفغاني؛ وأصبح محمد عبده يرى أن التدرج في الإصلاح هو الطريق الأقوم والأضمن في تحقيق الغاية المقصودة منه، وهي نهضة الشرق وتحرره.