يناقش عمرو عبدالرحمن في الفصل الذي حمل عنوان: “اللغة السياسية لحركات التغيير في مصر ٠٠تواطؤ الانتلجنسيا الفعال وحدوده” – شروط تشكل وانهيار الجبهة الوطنية التي أنتجت يناير ، وأحاول عبر هذه القراءة التي اقدمها لهذا الفصل استعادة لحظة ميدان التحرير ولكن بشروط جديدة مع قناعتي ان الظرف الموضوعي الذي أنتجها قد ولي ، ولكن لا يعني هذا عدم إمكانية إنتاجها وفق شروط وظرف موضوعي جديدين يضمنا نجاحها:
١-التحرر من التفكير الدولتي ؛ الذي مركزه الدولة ،الذي يجعل منها كيان ممثل للمصلحة العامة ؛متعال علي المصالح الخاصة او الحزبية ومستبطن لقيم الرشادة والانضباط في عمله.
ان هذا الامر يفتحنا علي ضرورة التفكير في كيف يدرك المواطن المصري ،وخاصة الأجيال الشابة دولته ،كما يفتحنا ذلك علي ضرورة تجديد أصول الدولة المصرية ، وماذا نعني بإصلاح هياكلها ومؤسساتها بعد انتهاء صيغة دولة يوليو بلا رجعة. ، كما يعني عدم المراهنة علي نويات صلبة في الدولة المصرية ينتظر منها ان تحدث هي التغيير لصالح مسار ديموقراطي وليس لإعادة انتاج النظام بوجوه جديدة .
٢- اعادة التفكير في مفهوم الشعب المصري ،الذي عادة ما يظهر كيانا موحدا بدون تناقضات او اختلافات او تباين في المصالح والرؤي، او توترات تظهر علي خطوط طائفية او طبقية او مناطقي او تخص النوع الاجتماعي.
من وجهة نظري ؛ان من اهم ما جري في ميدان التحرير ان المصريين؛ ولأول مرة في تاريخهم يرون -رأي العين -التعددية والتنوع في مقابل فكرة التجانس التي صدرت لهم. لذا اري ان اهم تحدي يواجه الدولة والمجتمع المصريين هو قدرته علي انتاج صيغ للتعامل مع هذه التعددية في ظل غياب تقاليد تاريخية للدولة المصرية الحديثة في التعامل معها.
٣-اعادة صياغة الاستقطاب ليدور علي محاور ثلاثة : الاستبداد / الديموقراطية – المسألة الاجتماعية ؛أي الانحيازات لأية فئات منها -الاستقلال الوطني الذي مظهره المعاصر هو التحرر من الليبرالية الجديدة.
وهنا يحسن ان أشير انه لا استقطاب حول الهوية في مصر لانها غير مهددة ؛ وإذا اردنا استدعاء الديني منها ؛فإنما لخدمة : الديموقراطية ،والعدالة الاجتماعية ،والاستقلال الوطني.
وأيضا لا استقطاب علي موضوع الإرهاب الذي يتصدر خطاب القوي السياسية في مصر الان ،دون ان تدرك أنها بذلك تقع في فخ خطاب نظام ٧/٣ الذي يستخدمه ليضمن استمراره[تأمل كيف يتم اتهام كوادرها بمشاركة جماعة ارهابية ] ، ولا يعني هذا عدم رفض استخدام العنف من أي طرف.
٤- مزيد من التسيس :لا جبهة وطنية للتغيير دون امتلاك مشروع لإدارة اليوم التالي [سألت احد منسقي كفاية : لماذا من قاد توافقات ما قبل يناير ؛هم من قادوا الاستقطاب بعدها، فأجابني بأننا كنا نعرف ما لا نريد ، ولا نعرف ما نريد]؛ علي ان يقوده سياسيون محترفون وليسوا هواة.
٥-حل معضلة التنظيم بمزيد من الحزبية،فالتكوين الشبكي الفضفاض المتعال علي الحزبية ،الذي عادة ما يكون قوة أية حركة جماهيرية متسعة يمكن ان يحدث التغيير ،ولكن من دون تنظيم /حزب فلا ضمان لاستمراره. وقد أشار الكتاب تعليقا علي الاسماء التي كونت جبهة ما قبل يناير بإنها ؛ إما من بقايا تيارات ،او علي هامش تيارات ،وتباعدت المسافة بينها وبين اخر نشاط حزبي او تنظيمي ، واقتصر إسهامها علي العمل الفكري والدعوي.
٦-اجيال جديدة متحررة من ثارات الماضي وطريقة تفكيره وإشكالاته وانقساماته الوهمية ،وتدرك النماذج المعرفية التي يصدر عنها العالم المعاصر ،وكيف يعمل.
Leave a Comment