هذا الحوار ورد في الفصل الأول من كتاب “بناء التوافق الوطني في بلدان الربيع العربي“، من تأليف ياسر الغرباوي، تحت عنوان “ما هي الأسس الفكرية لبناء التوافق”.

في هذا الحوار مع الصحفي والباحث السياسي المصري “هشام جعفر”[1] يتحدث عن الأسس الفكرية والسياسية في بناء التوافقات المجتمعية، ودور الخارج في دعم التوافقات أو إعاقتها، لكن المهم الذي يركز عليه هو دور السياسي في بناء التوافق، إذ يعتبر المظلة القادرة على دعم التوافق، أما بقية العناصر الثقافية والفكرية والاجتماعية فهي ما تمنح التوافق العمق والاستمرار، والتحول إلى ثقافة مجتمعية فاعلة وناجزة.

ويشير الحوار أن الفترات الانتقالية التي مرت بها المنطقة العربية، كشفت عن أزمات مجتمعية في بناء التوافق، كانت النظم الاستبدادية تحجب حقائقها، فلما انكشف الغطاء الاستبدادي عن المجتمع خرجت الانقسامات من قمقمها، لذا كان الاحساس بأزمة الانقسام عاليا في الربيع العربي.

ويؤكد الحوار على دور النساء في بناء التوافق، إذ يرفض استعمال كلمة المرأة، معتبرا أن لفظ النساء يشير إلى حالة تعدد داخل النساء أنفسهن

 

ما الذي يجعل خلاف بسيط يتحول فجأة إلى براكين غضب وصدام في المجتمع ؟

– أود أن أضع الموضوع في إطارٍ أكثر اتساعاً متعلقاً بمرحلة ما بعد الربيع العربي، بحيث يمكنني أن أربط الموضوع بفكرة الفترات الانتقالية التي ما زلنا نعيش فيها حتى الآن منذ عقدٍ من السنين وما زالت ملامحها مستمرةٌ بشكلٍ أو بآخر.

الفترة الانتقالية تلقي بظلالها على الصراعات المرتبطة بها، إذ تشهد سقوط ما يمكن أن نطلق عليه النماذج السائدة، وتلك النماذج السائدة غير قادرة على توليد الاستجابات، وفي حين أن النماذج السائدة تسقط، فإن النماذج الجديدة لم تتبلور بعد، أي أن مرحلة التحول لم تبدأ بعد، كذلك لا يوجد وضوح، فالمسارات ليست واضحة بالشكل الكافي، وإنما تعبر عن ديناميكيات متعددة، سواءً على المستوى الداخلي: أي في علاقات القوى بين الأطراف المختلفة، أو حتى في التداخل الذي يحصل على المستوى الإقليمي أو الدولي، أي: الفواعل الخارجية.

وتتميز الفترات الانتقالية بفكرة الهواجس والمخاوف، فهي تسود بشكلٍ كبير وخاصةً إذا ارتبطت بعدم الوضوح، أي أن هذه الهواجس والمخاوف تسود سواءً عند ما يمكن أن نطلق عليه الأقليات، سواءً الأقليات العرقية أو السياسية أو حتى الدينية،  وهذا أيضاً يبقى سائداً فى هذه المرحلة، ويؤدي إلى تصاعد الصراعات.

كذلك فإن مصالح النظام القديم، أو بُنى النظام القديم لم تنتهي بعد، سواءً بشخوصه أو بأفكاره، أو بميكانيزماته وآلية عمله أو مصالحه، فما زالت موجودة، وهذه دائماً في الفترات الانتقالية تكون الأرضية التي تتحرك عليها الجوانب المختلفة.

ومن الملاحظات الأساسية في الفترات الانتقالية أن الهويات الذاتية للتنظيمات أو الكيانات تكون في حالة سيولة وليست في حالة تماسك، وكما يظهر ذلك في الديناميكيات داخلياً، أقصد في مواجهة نظام تسلطي كنظام مبارك، فيكون هناك قدر من التماسك الداخلي الذي يسيطر على ما يمكن أن نطلق عليه “معركتك الأساسية”، فيصادر ما يمكن أن نطلق عليه “التعددية الداخلية”.

وفي الفترات الانتقالية،مثل مصر، نجد أن هناك فواعل سياسية جديدة قد دخلت، حركات شبابية، أحزاب جديدة إلى آخره…مؤسسات المجتمع المدني، هويتها لم تتبلور بعد، لذا تظل في حالة سيولة، أقصد هنا حالة السيولة التي تكون داخلية.

ويحصل ما يمكن أن نطلق عليه عدم قطع مع الممارسات السياسية السابقة، أي ما قبل الفترة الانتقالية تكون هناك ممارسة سياسية، أنت  تتحدث في مبادئ عامة، ولكن بعد الفترة الانتقالية يُطلب منك أن تقدم برامج، لا يكون هناك قطع، تجد أن الحوار يدور حول مسائل الهوية مع أنها لم تكن مطروحة، وأظن أنه في استفتاء مارس ٢٠١١ لم تكن المادة الثانية مطروحة للتغيير، ورغم ذلك شهدت معركة حول المادة الثانية، فبالتالي لا يحصل قطع في الممارسة السياسية السابقة.

منذ منتصف الثمانينات، أي منذ ٢٥ سنة، وأظن أن المستشار  “طاري البشري” رحمه الله كان مهتماً بهذا الموضوع، الحوار الإسلامي العلماني، موضوعات وجدالات حول هذا الموضوع، ٢٥ سنة أو أكثر كانت موجودة ومستمرة، لم يحصل قطع ولم نعد نتكلم عن برامج سياسية ولا نتكلم على ما يمكن أن نطلق عليه خطاباً سياسياً.

هل تعتبر ازدياد واحتداد النزاعات شيئاً طبيعياً في الفترة الانتقالية أم يمكن تجاوز هذا الاحتمال؟

– الأنظمة تتحرك، هذه أرضية تتحرك عليها الصراعات، وهذه سمة من سمات الصراعات الحضارية، أن تتعدد خطوط الصدع، فهنا تتعدد خطوط الصدع في الصراعات فتجد مثلاً تعريفك باعتبارك أقلية، سواءً أقلية دينية أو عرقية، تتقاطع مع هواجس ومخاوف وتتقاطع مع عدم وضوحٍ في الحالة السياسية وتتقاطع مع عدم قطع مع الممارسة السياسية السابقة فتزيد من هواجسك، كما أن طبيعة الصراعات لدينا، متعددة الجوانب، وفي أحيان يظهر منها ما لا تكون على طبيعتها أو على حقيقتها، وهذا مرتبطٌ بأسئلةٍ متعلقة، وأنا بِتُّ الآن أفهم، وهذا ما كتبته حول أنه في النهاية المسألة الإسلامية المسيحية في المنطقة جزءٌ كبيرٌ جداً منها هو مسألة تنموية وسياسية، وليس مسألة ثقافية ولا دينية.

عندما قمتَ بنقد “وثيقة الحياة”[2] في الفترة الأخيرة عن النقد للحياة، فقلتَ في النص أن الماضي الأساسي هو أزمات سياسية وتنموية وليست بالأساس ثقافية، هل ترى أن السياسي قبل الثقافي في علاج النزاعات واتجاهٌ للتوافق أم لديك وفق ما فهمت أن السياسي له اليد العليا في فرض التوافق؟

-أنا أتبنى ما يطلق عليه في أدبيات الصراعات أو في أدبيات التدخل للمجتمع المدني، بالتأثير التشاركي، الذي يدرك أن هناك تدخلاتٍ متعددة يجب أن تتكامل مع بعضها البعض، وأنا أتبنى هذا المفهوم بعملي الأساسي، وهذا من نقاط العجز ،التي دائماً ما لا تنتج تدخلاتنا آثارها، لأن الثقافة تعمل بمفردها والتنموي يعمل بمفرده والسياسي يعمل بمفرده وهكذا، أو حتى إن كان المدخل الخاص بك هو النوع. ففكرة التأثير التشاركي تضع هدفاً مشتركاً وأجندة مشتركة وتدخلاتٍ متكاملةٍ بين العناصر المختلفة، لأن صراعاتنا هي صراعات ممتدة لسنواتٍ طويلة وتتحرك على أرضياتٍ متعددة، الغالب فيها فيها هي: تدخلاتٍ ذات طبيعة سياسية وتنموية تكون مناطق محرومة، وكل الدراسات على الأقل التي اطلعنا عليها فيما يتعلق مثلاً بالتوترات الطائفية في مصر، هي مناطق محرومة تنموياً، ويتم استدعاء الجانب الثقافي أو الديني على أرضية هذا الحرمان التنموي، فالواقع المأزوم يستهلك خطاباً مأزوماً.

ربما يكون مثلاً نموذج شُبرا حيث وقعت فيها توترات وهي منطقة التنمية فيها معقولة؟.

– نعم، في داخل القاهرة نفسها، مناطق كانت أصلاً موطناً للطبقة الوسطى، “شُبرا” على سبيل المثال كانت موطن الهجرة الأول للمحافظات، وحتى الآن يطلق عليها مطار المنوفية، وهي منطقة تجمع المواصلات، لأن المنوفية من أقرب المحافظات إليها، فحتى أنها لم تعد موطناً للطبقة الوسطى المصرية التاريخية.

حصلت تحولات وأصبح هنالك تهميش في الخدمات المختلفة، كما أن شُبرا منطقة كبيرة فيها تفاوتات، فحتى فكرة التفاوتات موجودة بشكلٍ دائمٍ ومستمر حتى في داخل المحافظة الواحدة.

نعود للفكرة الأساسية، أنا في رأيي أنه من المهم جداً لأي شخصٍ يعمل في مسألة تحويل النزاعات وتحويل الصراعات أن يدرك ما هو الحقيقي في الصراع وما هي الديباجات التي تستخدم ويتم أحياناً استخدامها لتصدير مسألة الصراع.

هذا التمييز تكون ميكانيزماته مهمة جداً، ولن يأتي إلا بما نطلق عليه في عملنا بفكرة الـ research for action، فيسبق أي تدخل من مداخل تدخلات حل النزاعات أن يحصل شكلٌ من أشكال الـ assessment أو تقدير الموقف الذي يرسم الخرائط ويحد جوهر القضايا، والذي يحدد، ما يمكن أن نطلق عليه أطراف أخرى تساعد في هذا التدخل.

نحن نفسنا قصير، فعمليات التدخل هي عمليات قصيرة المدى، وأنت تتعامل مع صراعاتٍ ممتدةٍ لسنواتٍ طويلة، تتقاطع فيها العوامل المتعددة، بحيث أنها تجمع عناصر الصدع المختلفة في النزاع ونتعامل معها باعتبارها process قصيرة المدى، هذه إحدى المشكلات الأساسية سواءً على المستوى المحلي، أو على المستوى الوطني، أو حتى على مستوى التدخلات الخارجية، فالتدخلات المرتبطة بتمويلاتٍ خارجيةٍ أو منظماتٍ تكون دائماً قصيرة النفس،

و تريد أن ترى الـ  impact(التأثير) في مدى زمني طويل، بينما هناك صراعات امتدت لسنواتٍ طويلة وقليلةٌ هي المؤسسات التي عندها approach مقاربة ممتدة، ناهيك عن كونها تتكامل مع العناصر المختلفة.

تفتقر بعض المجتمعات لشبكاتٍ قادرةٍ على التشبيك ما بين السياسي والثقافي والديني، فهل ننتظر أن تعمل كل المنظومة مع بعضها أم يمكن البدء من الثقافي ثم نتجه للديني قدر الإمكان حتى يُفتح الفضاء السياسي؟

– المسألة ليست مسألة انتظار، وهذا من ضمن القضايا الأساسية، ليس مهماً من أين يمكنك أن تتدخل، أريد القول أنه من الممكن أن تتدخل وتكون لديك entry point محددة، وهذا مهمٌ جداً في العمل، وليس معنى ذلك أن يكون عندك منظورٌ، نحن كنا نتكلم عن المنظور الشامل في التدخل، ليس معنى ذلك أنه مطلوبٌ منك أن تتدخل بشكلٍ شامل، وإنما هناك فرق بين أن يكون لديك إدراكٌ شامل، أي: فهمٌ شاملٌ للصراع، وتدخلك لا بد أن يكون تدخلاً متخصصاً، فهو الذي سيسمح لك بمراكمة عملك بشكلٍ جيد، لكن في نفس الوقت لابد أن يكون عندك منظور متسع في النظر للموضوع، لأن هذا سيسمح لك أن ترى الديناميكيات الموجودة في مسألة الصراع، كذلك لابد أن يكون عندك استعداد أن تستدعي تدخلاتٍ أخرى تقدم لك الدعم.

ولكن هل هل لابد من مظلة سياسية للتدخل لرأب الصدوع الاجتماعية؟

– من وجهة نظري الآن، ويمكن لها أن تتبلور مع مرور الوقت وتراكم الخبرات والمراجعات فمن ضمن الأمور الأساسية أهمية التدخل السياسي، فهناك أهمية لتوفير مظلة السياق السياسي الداعم، فمن غير سياقٍ سياسيٍّ داعم، ستكون هناك عقبات، فمن ضمن مشكلات الفترات الإنتقالية، أن السياقات دائمة التغير، فمثلاً نحن عملنا آلياً الإنذار المبكر، بدأناها في ٢٠١٢- ٢٠١٣، كان سياقاً سياسياً فيه قدر من الحرية، لكن بعد ٢٠١٣ بدأ سياقٌ مستقطب على الأقل في هذه النقطة، فالسياق اختلف، وهذه إحدى المشكلات، وهي أن الديناميكيات في الفترات الانتقالية دائمة التحول، وحال سوريا حالة نموذجية، إحدى المشكلات الأساسية، هل السياق السياسي الجديد داعم أم لا؟ نحن دائماً نفكر في إطارٍ وطني، إدراكنا للمحلي محدود ، لأنه للأسف هذه الهوايات من التداخل لا تعمل فقط على المستوى المحلي أبداً.

ويلاحظ أن أحد الخصائص الأساسية للفترات الانتقالية أنه تسقط السلطة، أياً كانت هذه السلطة، ليست بالضرورة سلطةً سياسية، مثلاً سلطة دينية، كالكنيسة والأزهر، فكل هذا يسقط، ويحصل شكلٌ من أشكال الصعود، وتصاعد النزاعات وتقاطعها، على مستوياتٍ مختلفة.

أنا أتصور أن كل مجتمع محلي لديه ما يمكن أن نطلق عليه آليات يستخدمها في حل نزاعاته، وعندما تطرح نفسك على مستوىً وطني لا تطرح دائماً في إطار تنافس أو تناقض مع المستوى المحلي، بل بالعكس، ربما يكون دعمك للمستوى المحلي مسألةً مهمةً وتقوية المستوى المحلي هو الذي يضمن استمراره ويضمن فاعليته لأنه يكون ابناً لهذا المجتمع.

إذا كانت المراحل الانتقالية وثورات الربيع العربي انتجت كل هذا التوتر والتشظي والتحديات التي نتحدث عنها، فهل تعتقد أن البلدان التي كانت فيها أنظمة استبدادية، مثلاً العراق قبل صدام، يزعم البعض أنه كانت هناك حالة من التوافق الاجتماعي حتى في موضوع الشيعة والسنة، فهل الاستبداد يوفر الحد الأدنى من التوافق في داخل المجتمع ؟

– الاستبداد يغطي التناقضات والصراع، فحين اختفى صدام ظهر الصراع، عندما اختفى عبد الله صالح ظهر الانقسام، المشكلة الأساسية أن أنظمة ما قبل الربيع العربي لم تبنِ توافقات وإنما استخدمت السلطة للتغطية على التناقضات والصراعات.

هل يحافظ الاستبداد على التوافق، حتى ولو ظاهريا؟…

– هذا استقرارٌ متوهَّم، يظهر في أزمة بسيطة أنه ليس استقراراً حقيقياً، النقطة الأساسية، هي أن الهوية الوطنية الجامعة لم تبنها هذه الأنظمة، هل بنتها في سوريا؟ أو في العراق؟ أو في اليمن؟ أو في ليبيا؟ هذا لم يتم! الاستبداد قال أنه يمثل الدولة وأنه الدولة، فأين هي الدولة؟ هذه نقطة.

النقطة الثانية: أصبح هناك تماهي بين الشخص وبين مؤسسات الدولة، يعني أنه لا توجد عندك مؤسسات دولة في مجمل المنطقة باستثناءاتٍ قليلة، يعني باستثناء مصر، لكن إن نظرت إلى اليمن فأين هي المؤسسات؟ في سوريا أين المؤسسات؟ في العراق أين المؤسسات؟

أين المؤسسات المختلفة؟

المؤسسات السياسية التي تستطيع أن تفصل فيها بين الشخص القائم على السلطة وبين المؤسسة، بحيث أن هذه المؤسسات تستطيع أن تستمر وترفع المجتمع.

ما حصل أننا في ظل هذه الأنظمة عدنا للمؤسسات الأولية ذات الانتماء الطبيعي، بحيث أنه في العراق على سبيل المثال وجدت القبائل، أصبح الناس يعرِّفون أنفسهم بأنهم ينتمون إلى قبائل أو إلى عرق أو إلى مذهب أو شيء من هذا القبيل، أين الهوية الوطنية الجامعة؟ وبالتالي فإن أنظمة ما بعد الاستقلال، دِول ما بعد الاستقلال لم تبنِ هوية وطنية جامعة…

أتقصد أنها تسكِّن الأزمات أو كانت تعالجها بمسكِّن أم بالقهر؟ فمثلاً النزاع الشيعي السني قديمٌ ومعروف لكن مثلاً في فترة حزب البعث لم تكن بهذه الحدة الآن، هل كانت بعصا السلطة… بالإكراه أم أن حالة السلم المجتمعي كانت مفروضة بالقهر؟

– كل حالةٍ لها خصوصيتها، فالنظام السوري عمل بديناميكيات مختلفة من ضمنها استغلال النزاع، وهذا ما كتبه “ميشيل سورا” في كتابه حول “الدولة المتوحشة”، كيف استخدم عملية الصراع العربي الإسرائيلي لاستمرار وشرعية النظام.

هذه الأنظمة لم تكن تلعب، فالرئيس حافظ الأسد استطاع إن يحل جزءاً من الإشكال  الخاصة بنظامه السياسي بعد دخوله في صدامٍ مع الإخوان في سوريا في الثمانينات، وهذا لا يعني أنه استطاع أن يبني هويةً وطنيةً جامعة، وهذا ما اكتشفناه، فحين تُفاجئ أنه حتى ليبيا التي عدد سكانها أقل، فتفاجئ أنه يوجد تمييز حتى على المستوى الجغرافي، الذي نشهد مشاكله حالياً بين المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية، في الربيع العربي اكتشفنا أن هناك تنوعاً.

أنا أظن أن مجتمعاتنا متنوعةٌ بشكلٍ كبيرٍ جداً، وهنا أصبح التحدي كيف يمكن أن تبني المواطنة الحاضنة للتنوع، وليس مُصادرة التنوع، لأن دولة ما بعد الاستقلال قامت على فكرة الدولة القومية بالمعنى الغربي أو بالخبرة الغربية التي تصادر عناصر التنوع المختلفة من داخل المجتمع وتتوهم أو تخلق تجانساً متوهماً.

بنظرك هل العامل الخارجي والدول ومصالحها يمكن أن يُعد محفزاً للتوافقات وإنهاء الاحتقان أم يمكن أن يكون مؤججاً لها؟

– كلاهما، أيضاً قرأت في مقالٍ مؤخراً عما يختص هذه المسألة أن جزءاً من المحددات في أن تشارك السلطة مرتبطٌ بإطارٍ خارجيٍّ مساعدٍ ، وما نراه بعد فترات الربيع العربي أنه كان هنالك صراعٌ حول مستقبل المنطقة، صراعٌ إقليميٌ تقاطع مع الداخلي، وأصبحت الحدود الفاصلة بين الداخلي والخارجي غير موجودة، أي أن الخارجي يتحول إلى داخلي فتبقى هناك قوى سياسية يتم دعمها أو قوى إعلامية إلى آخره أو حتى مؤسسات دينية، فهنا بعد الربيع العربي انعكس صراع المحاور الاقليمية المختلفة في المنطقة على الفترات الانتقالية فيما يمكن أن نطلق عليه تصاعد الصراعات، في تجارب أخرى…

هل الانتخابات قادرة على تحقيق الوافق؟

 

– نحن لدينا دائماً تصورٌ أن مسألة الانتخابات هي الحل، حتى أنني أفكر في أن أكتب مقالة “الانتخابات لم تعد هي الحل” في المنطقة، وهذا لا يعني أنني ضد الانتخابات، أقصد فقط حتى يكون خطاباً مركباً، إذ لابد أن تحدث توافقاتٍ على مستوياتٍ مختلفة، هنا تأتي التوافقات حول ما يمكن أن نطلق عليه القيم السياسية التي يجب أن تحكم الفترة الانتقالية وما بعد الفترة الانتقالية، هذا التوافق السياسي مسألة بالغة الأهمية، وتبقى هناك نُخب مؤمنة بهذا التوافق ولا تراوغ وتناور حول هذا الموضوع، لابد ألا يوجد انفصال بين العملية السياسية وبين تطلعات الجماهير.

-في نظرك ما هي أهم المهارات التي ينبغي امتلاكها لتحقيق التوافق؟

– لا، هي ليست مسألة مهارات، أنا في رأيي من ضمن الأمور المهمة مسألة الخبرات، .مسألة المهارات مهمة لكن هناك شيئين من ضمن خبرة الربيع العربي، مسألة الاتساق القيمي، لأننا نتعامل مع السياسة الحقيقة في عالمنا بمنطق انتهازي براغماتي يؤدي إلى ألا تستدعي الناس لتسهل أي عملية سياسية، الناس يتخذون موقفاً لأنك ترى أن السياسة أصبحت شكلاً من أشكال الانتهازية، وهذا يعنى أن يكون عندك نُخبٌ مؤمنةٌ بأنك تريد عمل مسارٍ لهذا التغيير جوهره المسألة الديمقراطية.

النقطة الثانية: أن تكون لديها المقدرة على التفاوض والوصول لحلولٍ وسط، لأنه من ضمن المشاكل الأساسية، أننا نتعامل مع السياسة أو الممارسة السياسية بمنطق “المُطلق”، وليس منطق التفاوض والوصول إلى الحلول الوسط، لأنه يغلب علينا المنطق الثقافي أو المنطق الدعوي عند الإسلاميين، الذي يتكلم عن المبادئ، ومن ضمن المهارات المهمة أو من ضمن التكوين الفكري المهم أن تكون لديك القدرة على أن تصل لما يمكن أن نطلق عليه( مفاوضات، مساومات، حلول الوسط) هذا منطق السياسة، فهذا من ضمن الأمور المهمة جداً ، إذا أطلقنا عليها مهارة، ولكن أنا أتصور أنه أسلوب أكثر منه مهارات، فلن أدربه قليلاً فيتحول إلى أن يفعل ذلك، فكرة النطاق القيمي مسألة مهمة، فكرة الإدراك السياسي باعتبارها مساومة والتفاوض والقدرة على الوصول إلى حلول وسط.

النقطة الثالثة أن الأهداف النهائية أيضاً في السياسة وخاصة في الفترات الانتقالية تأخذ مدىً زمنياً طويلاً، إنجاز التحول الديمقراطي يحتاج إلى نخبة تستطيع أن ترسم هذا المسار لمدىً زمنيٍّ طويل، وألا يحصل شكل من أشكال القطع مع هذه الممارسة الديمقراطية، بحيث تستمر لمدىً زمنيٍّ يسمح ببناء الديمقراطية على أسسٍ أعمق.

على من تقع مسؤولية بناء التوافقات في المجتمعات؟

-أنا أتصور أنها مسؤولياتٌ مشتركة بين أطرافٍ متعددة، ليست مسؤولية طرفٍ واحد، لأن المداخل كذلك تتعدد وتتنوع، لو كنا نتكلم على المستوى السياسي فنحتاج إلى نُخبٍ سياسية.

تقصد أن هذه النُخب ستكون داخل الأجساد السياسية أم نُخب

– نعم، داخل المؤسسات السياسية المختلفة، فلو كانت هنالك سيادة وحركات سياسية فهذا جزءٌ من مسألةٍ مهمة. لماذا يقع على عاتق المجتمع المدني دورٌ متعدد؟ لأنه يعمل على مستوى المجتمع وأيضاً على المستوى الثقافي، وهو قدرة التغيير على المستوى الثقافي، وخاصةً إذا تقاطع مع المؤسسات الدينية ودورها.

وهنا أريد أنه في الفترات الانتقالية، لا بد أن تُبنى ما يمكن أن نطلق عليه “تتضافر جهوده”، هذه نقطة أسميها ال synergy أو التناسق بين جهود متعددة من مداخل مختلفة، ولكن يحصل شكل من أشكال التناسق فيما بينها.

وهنا أعود لمسألة الجهود، أصبحت من ضمن المراجعات المهمة لدي فكرة أن لا تتكلم على التحول الديمقراطي من دون أن تكون لديك نخبة ديمقراطية، لا يمكن أن تتكلم عن توافق دون أن تكون عندك نُخب أو مؤسسات أيضاً، ليس نُخب فقط وإنما مؤسساتٍ قادرة على أن تتوافق فيما بينها داخلياً، وأن تدير تنوعها، ومن ضمن الأمور المهمة أن مؤسساتنا المختلفة لا توجد فيها ديمقراطية داخلية، ولا نقد ذاتي ولا توافقات، وإنما هي أنماط تسلطية مثل ما يمكن أن نطلق عليه السلطة السياسية في المستوى العام، فهنا أصبحنا في مأزقٍ صعب، كيف تتوافق و الناس غير قادرين على التوافق فيما بينهم داخلياً. هل ستستطيع أن تصدره للمجتمع أم لا؟

مسؤولية التوافق تقع على مجمل ما يمكن أن يطلق عليها المؤسسات الأساسية الموجودة في المجتمع سواءً مؤسسات مجتمع مدني أو ميديا أو حتى مؤسسات سياسية، فهي تعطي قوة دفع للتوافق، لأنني أظن أنه حتى بعد عشر سنين من الربيع العربي ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه بدون أن نبني هذا التوافق لن يكون هناك مستقبل بأي حالٍ من الأحوال، ففيما يبدو على مستوى التهديد الوجودي، التهديد الوجودي أصبح الإنسان العربي الآن على مستوى التهديد الوجودي مهدد، أي أنك لا تستطيع أن تأمن على وجودك نفسه، لا أتكلم حتى على أن تحيا حياةً أفضل، أن يكون لديك مستوىً معيشي أفضل، لا، أنت في سوريا وجودك مهدد، في اليمن وجودك مهدد، في ليبيا وجودك مهدد، حتى في مصر وجودك مهدد، أنت في ظل نظام لا يمكن أن تأمن فيه على شخصك بأي حالٍ من الأحوال. أيضاً وجودك مهدد، في لبنان يقول  “حسن نصر الله” نحن سنتعدى ال ١٠٠ ألف مقاتل، ومعنى هذا أنني إن لم أنتمي لهذه الطائفة فوجودي مهدد، فأنا كمواطن عادي إذا لم أنتمي إلى طائفة فوجودي مهدد ، فالامتياز داخل الطائفة وليس الطائفة نفسها.

ما هي أهم التوافقات التي ينبغي البدء بها في نظرك؟ فالتوافق على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى الديني وعلى المستوى المدني العسكري، إن قلنا مثلاً هنالك عشرة أنواع من التوافق التي يجب أن نبدأ بها عاجلاً…

– لا، أنا من وجهة نظري أنه في البداية ما يهيء التوافقات…يعمل مظلة للتوافقات الأساسية من وجهة نظري الآن هي المدخل السياسي، السياسة هي التي تخلق المظلة لأنواعٍ أخرى من التوافقات

ولكن نحن لا يوجد لدينا مانديلا ولا غاندي، ماذا نفعل، أين نجدهم؟

– لا، هذا هو، توصيف الموضوع باعتبار أن الأزمة أزمة سياسية مسألة بالغة الأهمية، لأنه أخشى ما أخشاه أن المداخل الأخرى نتوهم معها أننا نتقدم، هذه قناعتي الآن، أنا عملت في الثقافي وأعرف حدوده، كل التوافقات الأخرى لها حدود، إن لم يحدث شكل من أشكال التوافق على المستوى السياسي العام، المجال العام السياسة هي مظلته، إذا فعلت ذلك من السهل جداً أن يحدث شكل من أشكال التوافقات الأخرى تعطي.

أما الذي يعطي عمقاً للتوافق السياسي فهي التوافقات الأخرى، لكن السياسي هو الذي يمثل المظلة الأساسية للتوافقات الأخرى. فهنا إن تحدثنا عن توافقٍ مجتمعيٍّ أو توافقٌ ديني، وهنا السياسة أفهمها بمعناها المتسع، بمعنى أن مرتكزها الأساسي شيئين من خبرة الربيع العربي، الثروة والسلطة. توافق حول الثروة والسلطة، توزيع الثروة في المجتمع وتوزيع السلطة في المجتمع، هذه المظلة العامة التي ستستدعي الجوانب الأخرى والتي من دونها فنحن نحرث في الماء ، ولكن في نفس الوقت التوافقات في المجالات الأخرى هي التي تعطي الجذر الأعمق للتوافق السياسي.

قلت في نقدك للوثيقة المسيحية التي تقول أننا نحب الحياة، أن الحل يكمن في مجالٍ دينيٍّ تعدديٍّ حرٍ ومستقلٍ عن السلطة التي من الممكن أن تنتج توافقاً واستقرار. ماذا تقصد بمجالٍ دينيٍ تعدديٍ حرٍ ومستقلٍ عن السلطة؟ أنت الآن تكلمت عن الدولة وأهميتها والسياسة، والآن مجال ديني تعددي وحر مستقل عن السلطة، هل يمكن أن توضح لنا ماذا تقصد؟

– دعنا نعترف أن هناك تعددية في المجال الديني، وهنا التعددية ليست بين الأديان وإنما في داخل الدين أو في داخل أنماط التدين، المجال الديني التعددي أصلاً، فهو تعددي بحكمه وطبيعته، عندنا أنماط بطبيعتها متعددة، وعلاقته بالمجال العام. هنا المأزق الذي يواجهنا منذ فترةٍ طويلة ، لكن مع الربيع العربي تصاعدت المسألة بشكلٍ كبير. افتراضي من خلال الخبرة الماليزية أنه حصل شكلٌ من أشكال التوافق في المجال السياسي حول القيم الأساسية والقيم التي يجب أن تحكم المجال السياسي بالمعنى الذي نتكلم عنه، فأصبحت هنا مسألة التعددية الدينية مقبولة ولا تنتج تأزمات ولا تنتج عنفاً، ولا تُنتج من ضمن الأمور مثلاً ظاهرة داعش، لم تكن موجودة في الإطار الماليزي، لأنه حصل شكل من أشكال التوافق في المجال السياسي وقبلت التعددية الدينية الموجودة في المجتمع، بحيث أنه لديك أنماط تديّن متعددة، لكن ما يمثل إطار لهذا التعدد في المجال الديني هو التوافق في المساحة السياسية، وهنا تأتي أهمية الدساتير.

– تقصد دين تعددي ومستقل عن السلطة؟

–  نعم، ولكن نحن لا نتحدث عن كيفية تحرير المجال الديني من هيمنة السلطة واستخدامها، دعنا نتكلم على خبرة الربيع العربي، شهدنا في خبرة الربيع العربي ما يمكن أن نطلق عليه توظيفات متعددة للديني في إطار الصراع الإقليمي، لكن حين نحلل جوهر هذا التدين الذي يُقدَّم، سنجد فيه مشكلاتٍ كبرى، أنه مثلاً متسامحٌ لكن إزاء الخارج وغيرُ متسامحٍ إزاء الداخل، أنه لا يتكلم على مسألة توزيع الثروة ولا عن العدالة الاجتماعية، ليس ديمقراطياً في جوهره، أنا أريد أن أحرر الدين من هيمنة السلطة ومن استخداماتها

الآن النمط الذي ساد هو النمط الذي حصر الدين في العلاقة الشخصية بينك وبين الله، النمط الصوفي الآن رائج، هل من الممكن أن يساهم في خفض الاشتباك الديني مع السياسي؟

–  في كل أنماط العالم هناك حضورٌ للعلاقة بين الدين وبين المجال العام، لكن السؤال أصبح كيف ننظم العلاقة بين الإثنين؟ هذا هو السؤال، السؤال ليس أن تخرِّج الديني من المجال العام، لكن العلاقة بين الإثنين كيف تضبطها هذا هو السؤال المطروح على مستوى العالم ككل، وكيف تحرر الديني من توظيفات السلطة بالمعنى المتسع؟ ولو كنا نتكلم على المستقبل، أنا أظن أن هذا سؤال جوهري وأساسي متعلق بوضعية ما يمكن أن أطلق عليه “الديني” في المنطقة العربية تحديداً.

من أين نبدأ في بناء التوافقات؟ في الواقع ما نحن موجودون فيه الآن….

– أنا في رأيي أن الفكرة الأساسية أن كل دولة لها خصوصيتها، أنك لا تستطيع إعطاء إرشادات عامة لمجمل المنطقة لأنه مثلاً في المغرب هنالك مجالٌ عام، في مصر لا يوجد، في سوريا هناك حرب أهلية، في اليمن يوجد، كل هذه سياقات مختلفة. لكن لو سألتني على البدايات، أنا أرى أن البداية بالمستويات المحلية مسألة مهمة جداً، يمكن حين تكون ميكانيزماتها قليلاً، وهذا لا يعني أنها تحقق النجاح المطلوب، لأنه كما قلنا فإن المستوى الوطني هو داعم، المستوى المحلي مسألة مهمة جداً، لأن الناس تستطيع أن تبني توافقات على المستوى المحلي بشكلٍ أسرع.

النقطة الثانية التي لم نتكلم عنها كثيراً، وأظن أنه يجب أن يكون لها وزنٌ وثقلٌ كبير هو أن الارتكاز  للنساء، لا أستخدم لفظ المرأة، أستخدم لفظ النساء باعتبار النساء معناه أنه يوجد تعدد ويوجد حضور، لا نتكلم على امرأة كفرد، نتكلم عن تنوع في داخل النساء، ثقل أساسي في بناء هذه التوافقات يجب أن تكون قاطرة ضمن القواطر المتعلقة بمسألة النساء، لأنها أيضاً هي التي تدفع الثمن الأكبر في عدم التوافق والتكلفة رغم أنني أتصور أنها أيضاً تكون جزءاً أساسياً من تجاوز مسألة الاستقطابات…

– ماذا تقصد بتواجد النساء في المستوى السياسي..الثقافي أم ماذا؟

– لا، أنا أتكلم حتى على المستوى المحلي، أقصد بمعنى حضورها في مستوياتٍ مختلفةٍ مسألة مهمة، ولكن أيضاً حضورها على المستوى المحلي مسألة مهمة.

النقطة الثانية التي أتصور أنها مهمة جداً هي العناصر الشابة، وهنا الشابات والشباب، لديهم قدرة على بناء التوافقات أسرع، أنا أتصور أنك بإزاء ما يمكن أن نطلق عليه قيم ثقافية أو نماذج معرفية تصدر عنها بشكلٍ مشترك، بغض النظر حتى عن التنوعات الموجودة بداخلها، وبالتالي هم أيضاً أصحاب المصلحة، فنتكلم أيضاً عن ٦٠% من مجتمعاتنا أو ٦٥% هي مجتمعات شابة، فهي صاحبة المصلحة الكبرى، فأنت لديك entry point متعددة في هذا الموضوع. المستوى المحلي مهم، الشباب هنا أقصد الشابات والشباب، مسألة النساء مسألة مهمة في مسألة كأحد بدايات لبناء التوافق.

______________________________________________________________________________________________________________________________________

[1]  مؤسس ورئيس مجلس إدارة “مؤسسة مدى للتنمية الإعلامية”، ومدير التحرير السابق لموقع إسلام أون لاين، وأحد الخبراء في الحوار الديني وبناء التوافقات الدينية والثقافية

[1] مشروع “الطائفية والوكلاء وإزالة الطائفية” (سيباد) ومقره جامعة لانكستر البريطانية مشروع تعاوني يهدف إلى تتبع ظهور وتطور العداء الطائفي في السياسة العالمية، بقيادة البروفيسور سيمون مابون والدكتور إدوارد ويستنيدج. وتسعى سيباد إلى التفكير النقدي في الظروف التي تؤدي إلى العنف الطائفي والعلاقات عبر الوطنية على طول الخطوط الدينية بهدف خلق مساحة لـ”نزع الطائفية” من الحياة الاجتماعية والسياسية. وسعيًا إلى تحقيق ذلك، يجمع البرنامج 50 خبيرًا عالميًا مشهورا وباحثًا من 20 دولة للمشاركة في مناقشات نقدية، وإنتاج المعرفة، وأنشطة التأثير، والتوعية والمشاركة الإعلامية حول مسائل الطائفية والسياسة الإقليمية.

أحد المشروعات الذي أطلقها برنامج “سيباد” (SEPAD)  يونيو/حزيران 2020، في شكل مقالات قصيرة مركزة (صدر منها 10 مقالات) تطرح الأسئلة وتلتقط التوجهات التي يمكن أن ترسم ملامح المنطقة حتى عام 2050.

 

Share: