نشر في الجزيرة.نت – فبراير ٢٠٢١
برزت شواهد كثيرة في العقد الأخير من القرن العشرين، وعلى مستويات عدة، تقول إن الواقع الذي نعرفه مرتحل، وهناك واقع جديد تتشكل ملامحه، أو برزت بالفعل بعض تضاريسه. فمنذ فترة ليست قصيرة يشهد العالم تحولات في المجالين السياسي والاقتصادي، كما في المجالين الاجتماعي والثقافي… إلخ، وعلى المستويين: الإقليمي والدولي، وكذلك على المستويين الوطني والمحلي، وفى جانب الحركات والقوى السياسية والاجتماعية، كما في جانب الأطروحات الفكرية والخطابات المعرفية والبرامج السياسية.
وهكذا، فإن الحقبة التي كانت إرهاصاتها آواخر القرن الماضي تستكمل نهايتها مفسحة الطريق أمام تغيرات مستمرة، عميقة وهيكلية في الأوضاع المتعارف عليها من قبل، على صعيد الممارسات والوسائل والسياسات، والقوى والعلاقات، والمؤسسات والشخوص والأفكار، وهذا يعني أن الماضي بحلوه ومره، وخيره وشره، وتنظيماته وشيوخه، وأحزابه وقياداته، ونخبه ومؤسساته، وأطروحاته؛ قد آذنت بالرحيل، مخلية الأرض لواقع جديد لا ندري حتى الآن ما معالمه، وإن بدت بعض ملامحه.